المواطن/ عدن
يستمر الوفد الحكومي ووفد جماعة “المسلحين الحوثيين” في التفاوض في العاصمة السويسرية “جنيف” للتوصل إلى حل شامل في ملف “الأسرى والمختطفين” والذي استئنف مؤخرًا بعد نحو عامين انطلاقه في السويد، إطار مفاوضات سلام شاملة، لم تشكل فارقاً في مصير الشعب، الذي لا يزال يشهد حرباً طاحنة تدور رحاها حتى اليوم، وزادت مؤخرًا عنفاً.
الفشل المحتوم
إعادة إنطلاق المحادثات بين طرفي الصراع في اليمن بعد عامين على مفاوضات شاملة شهدتها “ستوكهولم” في العام 2018م، وشملت العديد من القضايا من ضمنها هذا الملف الذي تناقش فيه الطرفين على تبادل 15 ألف أسير ومختطف، مصيره – وفق مراقبون – الفشل، وهو حال كل المفاوضات السابقة.
التحاور على أرضية ملتهبة يسودها صراع محتدم، دون وجود ضمانات لوقف القتال الدائر بهدف زرع الثقة بين الأطراف، لعله العامل الأكثر ضمن عوامل عدة يؤكد فشل مرتقب لهذه المفاوضات، والتي تسير حتى الأثناء دون تحقيق أي تقدم حقيقي يحيي آمال الشعب اليمني في تحقيق هذه الجزئية والتي قد تساعد في إنهاء سنوات طويلة مرت من الحروب والصراعات.
محاولات دولية
حاول المجتمع الدولي في مرات عديدة طوال فترة الحرب الممتدة منذ ست سنوات وفي مناسبات مختلفة إشراك طرفي الحرب في اليمن في مناقشات بإطار محدَّد، لتكون بمثابة خارطة طريق للتشاور والتفاوض في الوصول إلى سلام، لكن مسارات الحرب، وتعنت المسلحين الحوثيين في تنفيذ أجزاء لمفاوضات وأيضاً تمسك الحكومة المعترف بها دولياً بأجزاء أخرى، وذلك إلى جانب ما يشهده ميدان القتال من تصعيد، حالت دون سلام وجد، وهو ما يجعل ثمة مفاوضات قد تحدث مصيرها “الفشل”.
حاجة ملحة للسلام
باتت حاجة اليمنيين إلى سلام دائم – وفقاً لمصادر مطلعة ومراقبون – حاجة ضرورية وملحة بعد ست سنوات من الحرب زادت من الوضع المعاش في البلد أكثر تعقيداً في كل الجوانب، وهو الأمر أيضاً الذي أكده المبعوث الأممي إلى اليمن “مارتن غريفيث” من خلال تقديم مبادرة حل شامل للصراع في اليمن في مايو/آيار الماضي، وأشار إلى أن الحل الشامل يتضمن وقف كلي لإطلاق النار، ومعالجة للوضع الإنساني وتبادل للأسرى، غير ان طرفي الحرب تعاملا مع المبادرة الأممية بتبادل اتهامات بينهما، وجه كلا منها تهمة العرقلة للآخر.
دعوة دولية جديدة
في الـ17 من شهر سبتمبر/أيلول الجاري، دعت وزارات خارجية ثمان دول إلى جانب الإتحاد الأوروبي، إلى ضرورة إحراز تقدم سياسي في اليمن، وذلك عقب اجتماعا مشتركا عقدته بعد إحاطة قدمها الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيرتس” وكذا المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن “مارتن غريفيث” حول الوضع في اليمن.
وزراء خارجية كل من ألمانيا، والكويت، والسويد، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، وروسيا، وكذا الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، ناقشت خلال الإجتماع الحاجة الملحة إلى خفض التصعيد العسكري وإحراز تقدم سياسي في اليمن.
وأكدت خلال اجتماعها الذي يرتبط باجتماعات الجمعية العامة 75 للأمم المتحدة، دعمها الكامل للمبعوث الخاص “مارتن غريفيث” ولجهوده لتسهيل الاتفاق المشترك بين الأطراف اليمنية على وقف إطلاق النار على المستوى الوطني، وعلى التدابير الإنسانية والاقتصادية.
وشددت خارجية الدول الثمان التي تتمتع بحق النقض في مجلس الأمم المتحدة، على ضرورة استئناف عملية سياسية شاملة وجامعة، وأن الحل السياسي الشمولي هو وحده الذي يمكن أن ينهي الصراع، مؤكدة التزام المجتمع الدولي الراسخ بالحفاظ على سيادة اليمن ووحدته واستقلاله وسلامة أراضيه.
اتفاق انتقالي
مجموعة الدول الثمان، شددت وإلى جانبها الاتحاد الأوروبي، على الحاجة الملحة لأن يُبرم الأطراف، من خلال العملية السياسية، اتفاقا انتقاليا شاملا على وجه السرعة لإنهاء الصراع، والدخول في فترة انتقالية يتم فيها تقاسم السلطة بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية.
ومن أجل تحقيق ذلك، أكدت الدول الثمان الكبرى في الأمم المتحدة على ضمان الانتقال السلمي للسلطة في نهاية هذه الفترة إلى حكومة شمولية جديدة على أساس انتخابات وطنية ذات مصداقية، وهو الأمر الذي نجاحه مستحيلاً في ظل لا رغبة ولا تقبل بين الطرفين لكلاهما.
عملية شمولية
وفي اجتماعها أشارت المجموعة إلى الحاجة إلى عملية سياسية شمولية، تشمل مشاركة تامة من النساء والشباب، داعية طرفي الصراع إلى التعاون مع المبعوث الخاص بشكل بنّاء ومستمر، ودون شروط مسبقة، من أجل التوصل بسرعة إلى اتفاق حول مقترحات السلام التي طرحتها الأمم المتحدة.
وفي السياق، وجهت الدول الثمان الكبرى في الأمم المتحدة والتي تتمتع بحق النقض، وإلى جانبها الاتحاد الأوروبي، الدعوة لجيران اليمن إلى استغلال نفوذهم لهذا الغرض دعما لجهود الأمم المتحدة، مؤكدة أن الحاجة ملحة إلى خفض التصعيد العسكري في أنحاء اليمن، وعلى وقف إطلاق النار على المستوى الوطني، فضلاً عن التنفيذ الكامل للقرار 2532.
ووجدت دعوات سابقة للأمم المتحدة من هذا العام لوقف الحرب في اليمن بشكل فوري، ترحيب الدول الثمان والإتحاد الأوروبي، معبرة عن استيائها من عدم انتهاز الأطراف اليمنية تلك الدعوات لتحقيق وقف إطلاق النار على مستوى البلاد.
تصعيد خطير
وعن تصعيد المسلحين الحوثيين الأخير في محافظة مأرب، أعربت عن قلقها الشديد حيال استمرار هجوم الحوثيين في مأرب، والذي يعرض السكان والنازحين هناك لخطر جسيم، مشيرة إلى أن ذلك يهدد بإخراج عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة عن مسارها.
مرجعيات ثابتة
مجموعة الدول الثمان وخلال دعوتها لتحقيق حل سياسي شامل في اليمن، جددت تأكيد التزامها بعملية السلام اليمنية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، مؤكدة على أهمية الامتثال الكامل من قبل الدول الأعضاء بحظر الأسلحة المفروض بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة باليمن.
خارطة امريكية بخيارات صعبة
ليست تلك الدعوات وحدها من قبل الدول الثمان والاتحاد الأوروبي، من دعت لإنهاء الصراع في اليمن، وإنما تأتي إمتدادا لدعوة واشنطن، لإنهاء الحرب في البلاد، عبر ما أطلقت عليها الخارطة الأمريكية للتسوية السياسية، والتي قوبلت بالرفض من كلا طرفي الصراع.
الخارطة الأمريكية للتسوية السياسية في اليمن، تضمنت – وفقاً لواشنطن – خيارات صعبة على الطرفين، وهو الأمر الذي لم يتقبله طرفي الحرب اليمنية، مؤكدة الخارطة حينها على أن الحلول الوسط والتنازلات من كل الأطراف ستكون ضرورية للطرفين، وذلك من أجل التوصل لتسوية سياسية دائمة.